--------------------------------------------------------------------------------
ولدي أحمد ماذا ستفعل ؟
أبي يجب أن أذهب للمدينة اليوم لأحضر بعض الأغراض المهمة
أحمد غداً هو زواجك أرجو أن ترجئ الموضوع إلى مابعد زواجك
ياأبي لن أتأخر كثيراً اليوم سأعود إن شاء الله
ولكن هذا سيتعبك يابني فنحن سنذهب غداً للمدينة فعرسك هناك
لا بأس يا أبي فالمسافة لا تزيد عن ( 200 ) كم
رافقتك السلامة يابني ، إياك أن تسرع وأول ماتصل أخبرني يابني
بدأ أحمد بالبكاء وكأنه طفل صغير
مابك يابني أرجو ألا أكون قد أغضبتك
يا أبي كم تمنيت لو أن أمي معنا الآن ، رحمكِ الله يا أمي ، لن أنسى يا أبي تلك الأيام التي عانت فيها
أمي من المرض ، ولم نجد في تلك الليلة الشاتية أحد يعالج أمي .
يا أحمد لقد كانت أيام لم يكن هناك أطباء في قريتنا ولم تعبد الطرق حتى نأتي بطبيب من المدينة
ولا حتى نملك سيارات تقلنا إلى المدينة ، رحمك الله يا أم أحمد .
وأنت الآن يابني قد أكملت مشوارك وأنهيت كلية الطب بتفوق لتعود لخدمة أبناء قريتك
فكل نساء القرية كأمك ، ولن يخيب الله مسعاك ، استعن بالله يابني ولا تعجر .
أعدك يا أبي ، أستودعك الله يا أبي الذي لاتضيع ودائعه ، ثم قبل رأس أبيه ويده ثم رحل وهو يخنق عبراته في صدره المكلوم .
اللهم احفظ أحمد إنك على كل شيء قدير
...
أحمد قد أنهى دراسته في كلية الطب ، وسيتزوج غداً من إحدى العوائل في تلك المدينة ، تبعد تلك المدينة قرابة ( 179 ) كم عن قريتهم ، فأحمد قد جهز كل شيء من تلك المدينة لكن بقي شيء لم نعرفه لم يحضره أحمد من تلك المدينة وذهب لإحضاره ، الساعة الآن تقارب الخامسة عصراً ومن المفترض أن يعود قرابة الحادية عشر مساءً .
...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أهلاً يا أبي أنا الآن وصلت إلى المدينة ، شكراً يا أبي .
الساعة الآن 6:30 مساءً
أنهى أحمد أغراضه وذهب للعشاء مع أحد الزملاء وفي تمام الحادية عشر اتصل بوالده وأخبره بأنه انتهى وسيعود سريعاً بإذن الله .
الساعة الآن الثانية مساءً ، أبو أحمد مشغول البال فأحمد لم يتصل وجواله مغلق ، بدأ يتعلل بأن جواله انتهى شحنه وهو شعر بالنعاس فتوقف في أحد المحطات ونام ، ربما ، يارب لطفك .
ذهب أبو أحمد لصلاة الفجر ولم يأت خبر عن ابنه وحشاشة قلبه أحمد ، لكنه استودعه الله
عاد إلى المنزل وأخذ مقعده في المجلس ثم غفت عينه ولم ينتبه إلا على صوت الهاتف
السلام عليكم هلا هذا منزل أبي أحمد
نعم هو كذلك من معي
معك مستشفى المدينة
ما ما مممماذا تقول ، هل أحمد بخير
نعم هو كذلك لكنه يريدك
لا بأس سآتي إن شاء الله
ذهب أبو أحمد إلى أبي خالد جاره وأخبره الخبر ، ثم أيقظ أبو خالد ابنه وذهبوا إلى المدينة قاصدين المستشفى ، أسرعوا إلى حيث المكان المقصود ، وأول ما دخلوا إلى المستشفى سألوا عن أحمد
سأل الطبيب عن أبي أحمد وقال ابنك أصيب بحادث في الطريق بين المدينة والقرية في تمام الساعة الواحدة ، كانت هناك شاحنة معترضة في الطريق مطفأة الأنوار وأحمد تفاجأ بها فدخلت سيارته تحت الشاحنة .
كان الطبيب يشرح لأبي أحمد ولم يكن معه فقد كان مستغرقاً في البكاء ونصف الحديث لم يكن يسمعه
لأنه جلس يفكر في ابنه وهل هو حي أو أنه في عداد المفقودين ، ما هو حال زوجه التي انتظرته طويلاً
ماهو حال أبناء القرية الذين انتظروا ابنهم البار أحمد بفارغ الصبر فلقد وعدهم بفتح مركز طبي عندهم ، الكثيرون يسألون عنه ، يحبون له الخير كما هو قد أحب لهم ذلك ، أحمد الرجل الخلوق الذي يقدره كل الشباب فهو قدوة لهم في دينهم ودنياهم .
الطبيب يهُز أبي أحمد ويسأله هل أنت معي ، هل أنت معي يا أبا أحمد
بدأ يتمتم بكلمات لم يفهم منها الطبيب شيء .
أمر الطبيب بسرعة علاج أبي أحمد فيبدو أن أعصابه قد انهارت
أدخل أبي أحمد إلى العناية المركزة وبدأ فترة علاج .
أبو خالد استلم أغراض من أمن الطرق كانت في سيارة أحمد كانت عبارة عن ( كيس بداخله علبة ممزق بداخلها ساعة فاخرة وورقة ملصقة مكتوب عليها - لن أحصي أفضالك ياوالدي - ) .
خرج أبو أحمد من المشفى قبيل الظهر ، وكان أبو خالد قد أنهى إجراءات المشفى وأوراق الدفن
الخاصة بأحمد .